قبل أن
نبدأ في تحديد نسبة مساهمة الإعلام السعودي في حل مشكلات الشباب العديدة ، يجب أن
نعيّ جيدا أن معظم مشكلات الشباب تكمن في مشكلة واحدة ، ألا وهي التأقلم مع الواقع
ومحاولة تحديث واستغلال أمثل فكري وعملي للمعطيات المتوفرة لتتم السيطرة على جميع
المشاكل الأخرى .
ومن هنا
فإن صناعة الإنسان الشاب الطموح المهيأ للتعامل مع أطراف الواقع المعاش ، هي من
أهم وأخطر المشاكل التي تعيق تقدم المجتمع وبناء حضارته ، فاستثمار الشباب هو ديدن
الحال ، وليس بمحال .
فالتركيز
على بناء الشباب ، وخطط هذا البناء ، وكيفية هذا البناء ، هي حجر الأساس في تقليص
تلك المشاكل التي تعترض الشباب حاليا .
وما أرمي
إليه أن هذا الجيل من الشباب قد سقط في فخ المشاكل ، ولم يكن مهيأ لحلولها ، ولهذا
يجدر بنا أن نؤسس أجيالا قادمة تكون أكثر قدرة في معايشة الواقع والتأقلم معه .
وهذا لن
يتم إلا باستثمار التعليم بكيفية ناجعة ودراسات علمية ، لنضع أولى لبنات البناء
لاستشراف غد أفضل .
فعند
إلقاء
نظرة بسيطة للكفاية الداخلية للتعليم ، نجد أن العائد أقل من المدخلات
المادية
والبشرية ، فما نحصل عليه بكل بساطة هو طالب متخرج من الثانوية العامة
أجاد حفظ المناهج الدراسية بتقدير ممتاز ، ولكنه لا يجيد أساليب التفكير
الجاد والتعامل مع مختلف الظروف المحيطة ،
والواقع الذي يراه .
وهنا تكمن
أهم المشكلات التي تواجه جميع القائمين على هذا الوطن ، ويقع من ضمنهم الإعلام الذي
أتمنى أن يكون عينا صادقة لما يدور داخل أسوار هذا المجتمع فالإعلام بشقيه المقروء والمرئي يقدم بعض المحاولات
الجادة لحل مشكلات الشباب ، فبين أطباق المعرفة المستهلكة والمكررة ، نجد البعض
يحاول أن يلتمس مواضع الخلل بجدية ، ويحاول أن يجد ويجدد أساليب ضخ الثقافة الحقيقية في عقول
الشباب مضمونا وليس شكلا .
ففي الصحف
وبين أعمدة ومواضيع هلامية نجد انتقادات
مكررة ، وحلول لا تمت للواقع بصلة ، وفي أعمدة ومواضيع أخرى نجد حلول جيدة تحتاج
للدعم والتنفيذ والمتابعة .
وكذلك في
التلفزيون السعودي بقنواته القديمة والمستحدثة نجد أن هناك محاولات ببرامج جديدة
رياضية وثقافية منوعة تهم الشباب ، ولكن معظمها تصب في قالب الاعتيادية المقيتة
التي مافتئت تنشر الملل إلى أفئدة الشباب .
ومن هنا ..
ينصب أمامنا سؤال مهم جدا .. ألا وهو ماهية الثقافة المطلوبة ؟
فعند النظر
إلى معاقل الفكر في هذا الوطن نجد أن هناك تيارات مختلفة عن بعضها ، تقترب في
اتجاهات معينة وتبتعد في اتجاهات أخرى ، وبين هذه وتلك تأتي المسئولية على عاتق
صناع القرار في وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة والإعلام ، في كيفية نشر
أدب الاختلاف حول أمور لاتهمنا بقدر مايهمنا الثبات على العقيدة ، فالصراع والاختلاف
هو بذرة التغيير الناجح ، الذي نحتاج إليه . ولهذا فإن إدارة هذا الاختلاف يجب أن
تتم في إطار العلن ، وأن تكون واضحة للجميع ، حتى يمكن للجميع المشاركة وتقبل
التغيير .
بمعنى أن تأسيس أدب الاختلاف في حقول التعليم
المختلفة يجب أن يصاحبه نظرة إعلامية هادفة يمكن من خلالها فرز الحلول والاختيارات
أمام الجميع ، حتى يكون هناك توازي في خطوط السير نحو حضارة فعلية مكتملة كيفا
وكما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق